يفرض إعلان الرئيس الإسرائيلي، كما يوضح الصحفي جوناثان كوك، عن خطته لـ"السيطرة الكاملة" على غزة و"احتلالها"، واقعًا جديدًا يعيد إلى الأذهان نكبة جديدة، ما أثار حالة من القلق والارتباك في العواصم الغربية. وفي الوقت الذي لم تهدأ فيه المجاعة وسوء التغذية الذي يعاني منه نحو مليوني إنسان في القطاع، باتت الصحف ووسائل الإعلام الغربية تنشغل بسرد تفاصيل الخطة الإسرائيلية، وتداعياتها المحتملة، بدلًا من التركيز على الجرائم المستمرة بحق السكان.
تسلط خطة نتنياهو الضوء، بحسب ميدل إيست آي، على تحول في ردود الفعل الغربية؛ إذ أصدرت عدة دول غربية، بينها بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأستراليا، بيانًا مشتركًا حذرت فيه من أن هذه الخطوة ستفاقم الكارثة الإنسانية وتهدد حياة الرهائن وتزيد من مخاطر التهجير الجماعي للفلسطينيين.
الحصار والتدمير الممنهج
تحكم إسرائيل القطاع منذ عقود، سواء بالبر أو البحر أو الجو، وتفرض قيودًا على الاقتصاد وحرية التنقل، وتراقب السكان باستمرار عبر الطائرات المسيرة، مع توجيه الهجمات في أي وقت يدعي فيه الاحتلال وجود مقاتلي حماس بين المدنيين. بالنسبة لسكان غزة، يشبه هذا الوضع معسكرًا حديثًا، حيث يعانون من تقييد حركتهم، ونقص الغذاء، والتدمير المستمر للبنية التحتية. رغم ذلك، استمرت الدول الغربية في دعم إسرائيل بالأسلحة والتغطية الدبلوماسية، متجاهلة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.
أثار الإعلان الأخير عن السيطرة المباشرة على غزة اعتراض بعض الدول الغربية، مثل ألمانيا، التي أعلنت تعليق شحنات الأسلحة لإسرائيل. لكن يبدو أن واشنطن ستواصل دعم إسرائيل لضمان استمرار نفوذها في المنطقة الغنية بالنفط. في الوقت نفسه، يسلط الإعلام الغربي الضوء على عمليات الجيش الإسرائيلي والتهديدات التي تواجه الرهائن الإسرائيليين، متجاهلاً الأزمة الإنسانية الكبرى.
خداع حل الدولتين
يرى الكاتب أن الاهتمام الغربي بمبدأ حل الدولتين هو واجهة لإضفاء الشرعية على سياسات الاحتلال، وليس بهدف تحقيق دولة فلسطينية حقيقية. ساهمت اتفاقيات أوسلو في التسويق لهذه الفكرة، مع تأجيل المسائل الجوهرية بشكل دائم، ما أتاح لإسرائيل الاستمرار في السيطرة على الأرض الفلسطينية وتهجير السكان الأصليين.
يحذر الكاتب من أن الاعتراف الغربي المحتمل بدولة فلسطينية في هذه المرحلة يأتي متأخرًا جدًا، بعد أن تكون إسرائيل قد أنهت عمليًا أي إمكانية لدولة فلسطينية، ويهدف بشكل أساسي لاستخراج تنازلات من الفلسطينيين تجعلهم أكثر عرضة للعنف الإسرائيلي، خصوصًا بعد مطالبة الدول العربية بإدانة حماس وإخراجها من غزة، وترك السلطة الفلسطينية تتولى إدارة القطاع بشكل خاضع لإسرائيل.
حملة التطهير العرقي الجديدة
تعد خطة نتنياهو لتطويق وتدمير المناطق المأهولة في شمال ووسط غزة ودفن سكانها في "مدينة إنسانية" بمثابة استمرار لحملات التطهير العرقي التاريخية التي بدأت عام 1948. يهدف الاحتلال إلى استبدال الفلسطينيين بالمستوطنين اليهود، مع تدمير المدن والقرى الفلسطينية، وإعادة تشكيل الأراضي لبناء مستوطنات يهودية أو مشاريع تطويرية، كما حدث خلال نكبة 1948.
تشير ميدل إيست آي إلى أن إسرائيل ستستخدم مقاولين لتفجير أو هدم المباني المتبقية، بينما يظل سكان "المدينة الإنسانية" تحت التجويع والقصف عند أي ادعاء بوجود مقاتلي حماس بينهم، إلى أن تقبل دول عربية مثل مصر استيعابهم كـ"مبادرة إنسانية".
النتائج المترتبة
تهدف السياسة الإسرائيلية إلى استكمال السيطرة على غزة وتهجير سكانها، بينما تواصل الدول الغربية استعمال الاعتراف المحتمل بدولة فلسطينية كأداة سياسية بحتة، لا كوسيلة لإنهاء المعاناة الإنسانية. بهذا، يواجه الفلسطينيون خطر الإبادة العملية، ويظل دعم المجتمع الدولي لهم ضعيفًا ومتأخرًا، ما يعكس تناقض المواقف الغربية تجاه الحقوق الفلسطينية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
https://www.middleeasteye.net/opinion/israels-plan-full-control-gaza-heralds-new-nakba-so-west-panicking